قصة تلك الخالة اللاذعة اللسان والتي ذهبت في ستينات القرن الماضي لقضاء حاجة لها في إحدي الدوائر الحكومية في الخرطوم وكان المسؤول عن قضاء حاجتها تلك مستعجلا أذ كان في انتظاره مباراة تنس في نادي طلعت فريد للتنس هو طرف أصيل فيها فإعتذر لتلك الحاجة السليطة اللسان فما كان منها إلا أن وقفت في منتصف الردهة التي تتوسط مكاتب تلك الدائرة الحكومية وتصيح بأعلي صوتها : «مخيّر الله، خلاص خليت أكل المرس وبقيت تتفنس وتلعب التنس» فما كان من ذاك الموظف إلا وأن تراجع عن قرار ذهابه لنادي التنس .
جالت هذه الخاطرة في ذهني وأنا أنظر لما آل له حال أبنائنا والتغييرات التي المت بمجتمعاتنا بصورة طمست معالمه حتي كادت أن تزيلها تماما ، فنحن السودانيين تقريبا جميعا أكلنا المرس , فأن لمن نأكله حقيقة أكلناه مجازا وأكاد أجزم أن أغلب اهلنا في السودان عاشوا حياة بسيطة وفقيرة وفي بعض الأحيان حد الإدقاع ، ممنا لم يقف أمام عمود الكهرباء واضعا رجله علي الأرض والأخري علي العمود ( وقفت البجع ) ومن منا لم يجلس علي ( سفنجته ) لمشاهدة مباراة في كرة القدم ومن منا لم يصف كرسيين بصورة معكوسة ليقوم بربط حبال الصيوان في مناسبة عزاء أو فرح ،،،
لذا أنكر نكرانا شديدا علي من يردون علي الهاتف (ألا ) بدلا من ألو وهلو في بعض الأحايين ، من يتكلمون بلغة ( عفن ) ويعنون بها جميل حد الجمال فيما كانت عفن في زمان ليس بالبعيد تعني شيئا آخر . ولهذا الحد أكتفي وأقف كما وقفت تلك السيدة ( الملسنة ) وأكرر جملتها : «مخيّر الله، خلاص خليت أكل المرس وبقيت تتفنس وتلعب التنس»