نسمات باردة في أحدى أمسيات ديسمبر وقد انتهى الحفل ولم يبق منه إلا أصداء زغاريد كان يضح بها المكان وسحائب من غبار تعالت فسكنت في جوف أشعة النور المنبعث من مكان الحفل وبدأ بعض الشباب النشط في جمع الكراسي وقوارير ( الببسي) الفارغة وبعض الصحون فيما انبرت مجموعة أخرى في تفكيك الصيوان إيذانا بإنهاء مراسم الزواج البهيج ،، مجموعة من الفتيات يجلسون يتسامرون وبينهم شابين في مقتبل العمر وتعلو ضحكاتهم فتملاء المكان ضجيجا .
بدأ النعاس يداعب عيون الفتيات فقامت أكبرهن سنا لتنهي تلك الجلسة الحالمة التي رغب الشابين في ألا تنتهي حتى الصباح ،، تحركت الفتيات وتبرع الشابان بإيصالهما إلى منازلهم التي تبعد قليلا عن مكان الحفل ،،، أنفرد مصطفى بأحداهن وهي منى ذات الخمس وعشرون عاما وكانت ذات قدر من الجمال والأناقة ،، كان مصطفي قد عاد لتوه من الإغتراب في اجازة سنوية ممنيا نفسه بأن يرتبط بإحدى الفتيات ،، لم يكن له شروط في أن تكون الفتاة من اقاربه أو من أي جهة ما فقط ان تكون فتاة جميلة ومثقفة ومتعلمة ،،، يومها وجد في منى ضالته وأيقن بأنه هي الفتاة التي يرغب في الأرتباط بها ،، وصل الجميع لمنازلهن فتوادع مصطفى ومني على وعد باللقاء ،، ما أن أنصرمت إجازة مصطفى الا وكان قد تقدم لخطبة منى وحدد الزواج مع أهلها ،، عاد مصطفى لبلد اغترابه وكان حديثه طيلة فترة عودته مع اصدقائه هو ( منى ) تلك الساحرة التي أخذت بلبه وعواطفه ،، فبات يصحو وينام وصورتها التي منحتها أياها لا تفارق ناظريه ،، تلك الصورة التي بالغت في التأنق وإظهار المحاسن التي تلهب العواطف ،، مضت عدة أشهر وأرسل مصطفى كل احتياجات الزواج من ( شيلة ) ومهر على أمل أن يتم عقد الزواج في تاريخ إلتفقا عليه عن طريق الهاتف ،،
في ظهيرة يوم من الأيام حضر لمصطفى صديق عمره محمد الذي يعمل في مدينة أخرى في زيارة خاطفة وأن يقوم بواجب التهنئة لصديق عمره بمناسبة الخطوبة ،، تعانقا طويلا وضحكا مليا وجلسا يحتسيان الشاي ويحكي مصطفى لصديقة محمد كيف التقى بمني وكيف تمت كافة المراسم من خطوبة وقولة خير وكيف تعرف على أهلها ،، وهنا سأل محمد صديقه عن أسرتها وأين يسكنون وعن أسمها بالكامل ،،،، كانت الإجابات مفصلة كيف لا ومصطفى قد توله بتلك الفتاة فصعق محمد وتغير وجهه وبدأ يسأل عن أوصاف بعينها عن تلك الفتاة فكانت تتطابق اجابات مصطفى مع ما في دواخل محمد فتأكد أنها هي منى التي يعني خصوصا بعد أن رأى الصورة التي كانت مع مصطفى ،،، ارتبك مصطفى قليلا وسأل محمد (( أنت بتعرفها )) أبى محمد أن يرد مباشرة خوفا من يغضب صديق عمره وخوفا من تكون هي واحدة اخرى غير التي يعرفها ويعرف كل شيء عن ماضيها ،،، ولكن وتحت إلحاح مصطفى والذي بدأ عليه القلق ،، تحدث محمد بصوت متهدج ،،، ( والله ياخي الناس ديل كانوا جيرانا وما أرغمهم على بيع منزلهم الذي يمتلكونه إلا لسوء سلوك تلك الفتاة) وطلب محمد من صديقه إلا يرغمه على الاسترسال . تأثر مصطفى كثيرا وبات ليلتها مؤرقا لم تغمض عيناه حتى الصباح ،،
في الصباح ودع محمد صديق عمره الكسير الخاطر متأسفا عما حصل إلا أن مصطفى بدأ متماسكا وودع صديقه وعاد لغرفته .
بعد تفكير عميق أتصل مصطفي بأسرته آمرا لهم بإنهاء تلك العلاقة وفسخ الخطوبة وأسدل الستار عن تلك المأساة التي كادت أن تعصف بمصطفى لولا ظهور صديقة الصدوق محمد في الوقت المناسب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق